غيّر التقدم التقني الهائل الذي نشهده في عصرنا من شكل وكيفية وآليات تنفيذ الأعمال والوظائف المختلفة على المستوى المؤسسي والفردي، وفي إطار العولمة والقرية العالمية الواحدة وجب على الجميع أن يلهثوا وراء التطور السريع في الوسائل والأدوات، وفي سبيل اللحاق بالركب تزايدت أهمية التعليم كوسيط يعدّ الأفراد والجماعات للتماشي والتكيّف مع الصورة الجديدة للحياة التي طغى عليها الطابع الإليكتروني.
وتباعا، بدأت صورة التعليم المرسومة بأذهاننا في التغير مع ظهور أشكال جديدة من التعليم تستخدم فيها الوسائط الإليكترونية وتوارت في أثناء ذلك صورة الفصل الدراسي التقليدي الذي نعرفه حتى أصبح وجودها مقصورا على الدول المتأخرة علميا واقتصاديا
وتباعا، بدأت صورة التعليم المرسومة بأذهاننا في التغير مع ظهور أشكال جديدة من التعليم تستخدم فيها الوسائط الإليكترونية وتوارت في أثناء ذلك صورة الفصل الدراسي التقليدي الذي نعرفه حتى أصبح وجودها مقصورا على الدول المتأخرة علميا واقتصاديا
حوسبة التعليم
ظهرت الصور الأولية من التعليم الإليكتروني في حقبة الثمانينيات عندما وجد الحاسب الآلي مكانا في الفصول الدراسية، وكان أكثرها شيوعا في تلك الفترة ما يسمى بعملية التدريب بواسطة الحاسب* التي انحصر استخدامها في تدريب الأفراد على استخدام تطبيقات الحاسب الآلي المختلفة، ومع الوقت كبر الدور الذي يلعبه الحاسب في العملية التعليمية حتى شمل صورا جديدة من التعليم تراجع فيها دور الورق وقلت فيه أهمية الزمان والمكان؛ فلم تعد هناك حاجة لتوقيت الحصص ولا لتحديد مكان الفصل، وتحول الكتاب الدراسي من صورته الورقية إلى صورته البلاستيكية سواء كأقراص مرنة أو ممغنطة أو في صورة ملفات يتم تبادلها عبر الإنترنت
التعليم في عصر الإنترنت
مع دخول التعليم في صورته الإليكترونية الحقبة الثانية، تطورت الوسائل التعليمية وظهرت أنماط جديدة غير تلك التي سادت.. خصوصا بعد انتشار الإنترنت كوسيلة فعالة للاتصال وتبادل المعلومات مما نتج عنه نشر البرامج التدريبية في صيغة إليكترونية مماثلة لبنية مواقع الإنترنت المختلفة، ومع توافر الإمكانيات وزيادة سرعة تبادل الملفات ونقلها عبر الشبكة؛ ابتكر نوع جديد من تطبيقات الحاسب سميت بالبرامج التعاونية، وهي التي تسمح بأن يجمع الفصل الدراسي الواحد متدربين من أنحاء شتى وتتميز بالتفاعلية لا الجمود مما يثري المنفعة المكتسبة عن طريق تبادلهم الآراء والنقاش حول ما تتم دراسته والتدريب عليه سواء كان ذلك في توقيت متزامن أو غير متزامن
وفي نهاية التسعينيات ظهرت وسائل جديدة تم تطويعها لخدمة أغراض التدريب والتعليم الإليكتروني مثل حلقات التدريب وورش العمل الافتراضية التي يستخدم فيها البث الحي أو المسجل عبر الإنترنت، بل وامتدت تكنولوجيا التعليم لتشمل الأجهزة الخلوية أو النقالة مثل مشغلات الصوت الإليكترونية وأجهزة الحاسب المحمول بأنواعه.
من الجميع وإلى الجميع
أثرت النقلات التكنولوجية المتتابعة في مسار العملية التعليمية وتوزيع الأدوار، فالمدرس أو الملقن لم يعد له وجود واستبدل بالمدرب. ومعايير تقييم أداء المتدربين اختلفت وتدخلت فيها حيثيات أخرى مثل مدى تفاعل المتدرب مع أقرانه بل وفي بعض الأحيان يشرك المدربون المتدربين في تقييم بعضهم بعضا، وبهذا انعدمت قيمة المسار التقليدي الذي يبدأ من المدرس وينتهي عند الطالب بل أصبح مثل الدائرة أو الدورة التي تتمحور حول موضوع الدراسة أو التدريب بدلا من التمحور حول المدرس، وبهذا تعم الفائدة وفي أحيان كثيرة قد تثرى المادة العلمية المفترض تدريب المشاركين عليها سواء كان ذلك بإضافة أو تعديل. ويظهر هنا في الأفق مثال حي لعملية الإثراء التبادلية تلك وهو تقنية الويكي*** التي تتيح إنشاء ما يشبه مواقع الإنترنت الموسوعية التي تقبل الإضافة والتعديل في موادها من قبل المستخدمين مع توفير مساحة للنقاش حول التعديلات المتعلقة بالمواد المتناولة للتوصل إلى مدى دقة المنشور ومطابقته للحقيقة وهو ما يعد ثورة معرفية لم تشهدها البشرية من قبل في تاريخها الحديث، ومن أمثلة ذلك أيضا المدوّنات وهي صفحات مجانية تمنح للراغبين في نشر كتاباتهم وآرائهم وإبداعاتهم المختلفة عبر الوسيط الإليكتروني مع إتاحة الفرصة لمتابعي هذه المدونات في التعبير عن آرائهم والنقاش حول ما يقدمه صاحب الصفحة من مواضيع أو أعمال
العالم تبدّل.. لا تغيّر
تفيد إحصائيات العام الماضي عن أن هناك ما لا يقل عن 2 مليون طالب ومتدرب تلقوا تدريبهم وتعليمهم عبر الوسائل الإليكترونية في الولايات المتحدة وحدها، وبمعدل نمو سنوي يبلغ ال25%، وأصبح مصطلح المواطن الإليكتروني متداولا ومفهوما كمقياس لمدى استيعاب المواطنين الأميركيين للثورة الإليكترونية التي يعيشها العالم، وأطلقت التحذيرات هناك من خطورة وجود فجوة بين الأجيال ما قبل 1980 التي لم تعتد التعامل مع معطيات النقلة التكنولوجية والأجيال الأحدث التي صُبغت حياتها بالكامل صبغة إليكترونية خالصة.إذا قارننا الوضع في الدول السائرة على درب العلم وركب التقدم بالواقع الذي نعيش فيه، لوجدنا أنه لزاما علينا أن نقتحم هذا المجال وننفتح عليه وإلا دهسنا القطار كما سبق أن حدث في كثير من الثورات النوعية التي لا تتوقف في المجالات المختلفة، وهذا لن يحدث إلا إذا بدأنا في حل مشاكلنا الأساسية التي لم يعد غيرنا يشتكي منها وهذا على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وكذلك وجب علينا أن ننشر هذا الوعي وتلك الثقافة بين أفراد الأسرة التي هي بناء المجتمع ومصنع المستقبل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق